وقد اكدت الروايات الاسلامية على الطعام الحلال واثره في صفاء القلب واستجابة الدعاء وقد حكى القرآن الكريم في سورة الكهف عن اصحاب الكهف الذين كانوا بعد يقظتهم بحاجة كبيرة الى الطعام انهم مع ذلك قالوا لمن كلفوه بشراء الطعام (( ... فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً ...)) فهم لم يطلبوا مطلق الطعام ولم يقولوا فانظر اي طعام كان، بل طلبوا طعاماً مخصوصاً وهو ما كان زاكيا وطاهراً، وهذا هو فعل الصالحين فرغم الحاجة تبقى نفوسهم زاكية وقريبة من الله تعالى.
ان طهارة الفم وعفة الكلام وتهذيب النفس امور مطلوبة على كل حال خاصة في حال التوجه والتضرع والدعاء الى الله تعالى (1)
3) العمل الصالح والسعي فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (2)
4) ان يكون المراد خيراً ممكناً
عن امير المؤمنين عليه السلام: يا صاحب الدعاء لا تسأل ما لا يكون ولا يحل (3) .
ان الدعاء لا يغنينا عن التوسل بالعوامل الطبيعية بل انه يدفعنا الى توفير شروط الاستجابة حيث ان قوله تعالى ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))(4) هذا الوعد بالاستجابة ليس مطلقاً وانما هو وعد مشروط.
وقال المولى المازندراني رحمه الله تعليقاً على صحيحة ابن ابي نصر: ... ان لاجابة الدعاء شروط متكثرة .... والشروط المذكورة في هذا الحديث خمسة
الاول: ان يكون دعاؤه في الرخاء مثل دعائه في الشدة لئلا يقول الملك في حال الشدة إن ذا الصوت لا نعرفه فينبغي ان لا يمل من الدعاء ولا يتركه في جميع الحالات
الثاني: ان يكون صابراً فيه لو تاخر الاجابة ملحا عليه ولا يقول دعوت مرات فلم يستجب لي فيقطعه ويستمس منه
الثالث: ان يكون دعاؤه وطلبه متعلقاً بأمر حلال
الرابع: ان لا يكون الداعي قاطع الرحم ويندرج فيه قاطع حقوق المسلمين
الخامس: ان يجتنب من مكاشفة الناس ومجادلتهم بما لا يناسبه .... (5)
(شروط الكمال)
اما شروط كمال الدعاء فهي كثيرة ايضا ـ وقد يعد بعضها من شروط الاستجابة ـ منها
1ـ تجديد التوبة والاقرار بالذنب والاستغفار منه قبل الدعاء، والكون على الطهارة ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (6)
عن امير المؤمنين عليه السلام: من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن خاف أَمِنَ ومن اعتبر ابصر ومن ابصر فهم ومن فهم علم.
2ـ استقبال القبلة والتوجه بالقلب واستيقان الاجابة
3ـ رفع اليدين فإن الله تعالى استعبد خلقه بضروب من العبادة... واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ببسط الايدي ورفعها الى السماء كحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له كما انه تعالى امر اولياءه وعباده برفع ايديهم الى السماء نحو العرش لانه جعله معدن الرزق (7)
عن الامام الصادق عليه السلام ((ما أبرز عبد يده الى الله العزيز الجبار الا استحيا الله عز وجل أن يردها صفراً حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء فإذا دعا احدكم فلا يرد يده حتى يمسح على وجهه ورأسه))(8)
4ـ الصلاة على محمد واله في اول الدعاء ووسطه واخره فعن الصادق عليه السلام قال: اذا دعا احدكم فليبدأ بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مقبولة ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضاً
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : صلاتكم عليّ اجابة لدعائكم وزكاة لاعمالكم.
وعن الامام الصادقعليه السلام: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يُصلى على محمد وآل محمد (9) .
5ـ تقديم التمجيد والثناء على الله تعالى، عن امير المؤمنين عليه السلام: السؤال بعد المدح فامدحوا الله ثم اسألوا الحوائج (10) .
ومن هنا فليقل الداعي مثلاً: يا اجود من اعطى، ويا خير من سئل، ويا ارحم من استرحم، يا من هو اقرب اليّ من حبل الوريد، يا فعالاً لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شيء، يا سميع يا بصير ... صل على محمد وآل محمد ....
6ـ روي أن من قال: يا الله يا الله عشر مرات قيل له لبيك ما حاجتك (11) .
7ـ توسل الداعي بالقرآن والانبياء والاولياء ولاسيما بمحمد وآله (عليهم السلام) وليلح على الله تعالى بحق الخمسة (عليهم السلام) محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (12) .
8ـ ان الالحاح في الدعاء امر حسن وقد ذكرته روايات كثيرة وقد روي: ان الله عز وجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة واحب ذلك لنفسه ان الله عز وجل يُحب ان يسأل ويطلب ماعنده, فلا تمل الدعاء ولاتستعجل الاجابة ولا تقنط وان تأخرت الاجابة (13) .
ولا تنسى ان الله عز وجل قد يمنعك لعلمه بما ينفعك ولعل تأخير الاجابة خير لك من تعجيلها
9ـ الدعاء سراً وخفية، عن الامام الرضاعليه السلام: دعوة العبد سراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية. وذكر ان الوجه في تلك باعتبار انه احفظ في الاخلاص وابعد عن شوائب الرياء
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاء السر يزيد على الجهر سبعين ضعفاً (14) .
وقد اثنى سبحانه عز وجل على زكرياعليه السلام بقوله ((إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً))(15). اذن دعاء السر مستحسن خاصة فيما يرتبط بالامور الخاصة بالداعي
10ـ العموم في الدعاء: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : اذا دعا احدكم فليعمّ فانه اوجب للدعاء (16) .
وروي ايضاً إن: افضل الدعاء الصلاة على محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم الدعاء للاخوان ثم الدعاء لنفسك فيما احببت واقرب ما يكون من الله سبحانه اذا سجد ... .
ان الادعية مدارس، والائمة (عليهم السلام) علمونا ان نعيش هموم الاخرين وآلامهم فالانانية منبع للشرور ومنها الانانية في الدعاء، وقد روي عن الزهراء÷ انها كانت تدعو لجيرانها قبل دعائها لنفسها وتقول الجار ثم الدار.
ان المقدار الاقل هو ان يشارك الانسان الاخرين وجدانياً بالهموم والدعاء بمثل اللهم اغن كل فقير او اللهم اشبع كل جائع أو اللهم ادخل على اهل القبور السرور اي يفكر حتى بالاموات.
نعم ان البعض منتبهٌ وفطن في الدعاء فتجده يدعو للامامعليه السلام، يدعو لذريته واولادهم ولذراريهم الى يوم القيامة، يدعو للاخرين، يدعو لما يعلم ولما لا يعلم
12ـ الدعاء بصورة جماعية فعن الامام الصادق (عليه السلام) ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا الله عز وجل الا تفرقوا عن اجابة.
وقد ذكر الشيخ الحر العاملي (قدس سره) باب استحباب الاجتماع في الدعاء من اربعة الى اربعين، واستحباب التأمين على دعاء المؤمن وتأكده مع التماسه (17)، واستحباب العموم في الدعاء وتأكده في امام الجماعة (18).
13ـ الدعاء في كل وقت حسن ولكن هناك اوقات معينة يرجى فيها اجابة الدعاء كما في الروايات وهي كثيرة منها: عند هبوب الرياح، وعند نزول الغيث والقطر، واول قطرة من دم القتيل المؤمن، عند قراءة القرآن، عند الأذان، في الوتر، في الفجر، بعد الظهر، بعد المغرب، عند زوال الشمس
وروي، ان خير وقت لدعوتكم الله عز وجل الاسحار
وايضا روي: ان الله عز وجل يحب من عباده المؤمنين كل [عبد] دعاء فعليكم بالدعاء في السحر الى طلوع الشمس فإنها ساعة تفتح فيها ابواب السماء وتقسم فيها الارزاق وتقضى فيها الحوائج العظام
وايضاً: اذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك فقد قصد قصدك (19).
14ـ الدعاء في الازمنة المباركة والامكنة المباركة التي جعلها الله تعالى كشهر رمضان خصوصا ليالي القدر وشهر رجب وليلة عرفة ويوم عرفة وليلة الجمعة و... عن ابي هاشم الجعفري قال دخلت على ابي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) وهو مهموم عليل فقال لي يا ابا هاشم ابعث رجلاً من موالينا الى الحائر يدعو الله لي، فخرجت من عنده، فاستقبلني عي بن بلال فاعلمته ما قال لي، وسألته ان يكون الرجل الذي يخرج فقال: السمع والطاعة، ولكنني اقول: انه افضل من الحائر إذ كان بمنزلة من في الحائر، ودعاؤه لنفسه افضل من دعائي له بالحائر، فأعلمته (عليه السلام) ما قال: فقال لي: قل له: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) افضل من البيت والحجر وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر، وأن لله تعالى بقاعاً يحب ان يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه والحائر منها (20).
15ـ الدعاء بالمأثور من الادعية الموجودة في الكتاب الكريم ومن الادعية الواردة عن الائمة (عليهم السلام)، والدعاء بالاسماء الحسنى وغيرها من اسماء الله تعالى ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا))
كم هو جميل ان يعرف الانسان او يحمل في صدره عدة ادعية قرآنية او مأثورة عن الائمة (عليهم السلام)، ان هذا الصدر مبارك.
وكم هو جميل ان يكون الانسان عنده فقه وعنده اخلاق ومستحبات
وكم هو جميل ان يكون الانسان منشغل بعيوب نفسه واصلاحها عن عيوب الآخرين
ولتؤخذ الاحكام والوصايا الاخلاقية من العالم الفقيه
16ـ الدعاء بعد تقديم الصدقة وشم الطيب والرواح الى المسجد فعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: كان [ابي] اذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس فإذا اراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشمّ شيئا من طيب وراح الى المسجد ودعا في باحته بما شاء (21) .
17ـ ترك اللحن في الدعاء فقد روي عن الامام الجواد (عليه السلام) ما استوى رجلان في حسب ودين قط إلا كان افضلهما عند الله عز وجل آدبهما، قال: قلت جعلت فداك، قد عرفت فضله عند الناس في النادي والمجالس فما فضله عند الله عز وجل؟ قال: بقراءة القرآن كما أُنزل، ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن وذلك ان الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عز وجل (22) .
18ـ تسمية الحاجة في الدعاء فعن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: ان الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد اذا دعاهُ ولكنه يحب ان تبث اليه الحوائج فإذا دعوت فسم حاجتك. وفي حديث آخر: ان الله عز وجل يعلم حاجتك وما تريد ولكن يجب ان تبث اليه الحوائج (23).
19ـ السجود حال الدعاء فعن الامام الصادق (عليه السلام): عليك بالدعاء وانت ساجد فإن اقرب ما يكون العبد الى الله وهو ساجد (24) .
(دعوات لا تستجاب)
هذا وقد روي ان عدة اشخاص لا تستجاب لهم دعوة:
منهم: رجل جلس في بيته ويقول يا رب ارزقني فيقال ألم آمرك بالطلب.
ومنهم: رجل يدعو على امرأته فيقال له ألم اجعل امرها بيدك.
ومنهم: رجل رزقه الله مالاً فافسده فيقال له ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالاصلاح (25) . ان الانسان اذا اراد الدعاء فليدع بما لا يقدر عليه ((رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي....))(26) فإن الدعاء هو طلب تهيئة طلب الاسباب والعوامل الخارجة عن دائرة قدرة الانسان.
ومنهم الظالم: فدعاؤه مردود الى ان يتوب الى الله تعالى (27). وروي انه اوحى الله عز وجل الى عيسى بن مريم (عليه السلام): قل للملأ من بني اسرائيل: لا يدخلوا بيتاً من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأكف نقية وقل لهم: اعلموا أني غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة (28).
ومنهم: دعوة آكل الحرام.
(دعوات لا ترد)
وفي المقابل روي ان هناك دعوات لا ترد فعن الامام الصادق (عليه السلام): كان ابي يقول خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم يقول الله عز وجل: لانتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب فيقول: ولك مثلاه (29). وكذا دعاء المعتمر حتى يرجع والصائم حتى يفطر (30) .
وروي ايضاً: ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر لله كثيراً، والمظلوم (31)، والامام المقسط.
وروي ان الله سبحانه وتعالى قال لموسى (عليه السلام): ادعني على لسان لم تعصني به، فقال: يا رب أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني على لسان غيرك (32)..
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : اطب كسبك تستجب دعوتك...
ان طهارة الفم وعفة الكلام وتهذيب النفس امور مطلوبة على كل حال خاصة في حال التوجه والتضرع والدعاء الى الله تعالى (1)
3) العمل الصالح والسعي فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (2)
4) ان يكون المراد خيراً ممكناً
عن امير المؤمنين عليه السلام: يا صاحب الدعاء لا تسأل ما لا يكون ولا يحل (3) .
ان الدعاء لا يغنينا عن التوسل بالعوامل الطبيعية بل انه يدفعنا الى توفير شروط الاستجابة حيث ان قوله تعالى ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))(4) هذا الوعد بالاستجابة ليس مطلقاً وانما هو وعد مشروط.
وقال المولى المازندراني رحمه الله تعليقاً على صحيحة ابن ابي نصر: ... ان لاجابة الدعاء شروط متكثرة .... والشروط المذكورة في هذا الحديث خمسة
الاول: ان يكون دعاؤه في الرخاء مثل دعائه في الشدة لئلا يقول الملك في حال الشدة إن ذا الصوت لا نعرفه فينبغي ان لا يمل من الدعاء ولا يتركه في جميع الحالات
الثاني: ان يكون صابراً فيه لو تاخر الاجابة ملحا عليه ولا يقول دعوت مرات فلم يستجب لي فيقطعه ويستمس منه
الثالث: ان يكون دعاؤه وطلبه متعلقاً بأمر حلال
الرابع: ان لا يكون الداعي قاطع الرحم ويندرج فيه قاطع حقوق المسلمين
الخامس: ان يجتنب من مكاشفة الناس ومجادلتهم بما لا يناسبه .... (5)
(شروط الكمال)
اما شروط كمال الدعاء فهي كثيرة ايضا ـ وقد يعد بعضها من شروط الاستجابة ـ منها
1ـ تجديد التوبة والاقرار بالذنب والاستغفار منه قبل الدعاء، والكون على الطهارة ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (6)
عن امير المؤمنين عليه السلام: من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن خاف أَمِنَ ومن اعتبر ابصر ومن ابصر فهم ومن فهم علم.
2ـ استقبال القبلة والتوجه بالقلب واستيقان الاجابة
3ـ رفع اليدين فإن الله تعالى استعبد خلقه بضروب من العبادة... واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ببسط الايدي ورفعها الى السماء كحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له كما انه تعالى امر اولياءه وعباده برفع ايديهم الى السماء نحو العرش لانه جعله معدن الرزق (7)
عن الامام الصادق عليه السلام ((ما أبرز عبد يده الى الله العزيز الجبار الا استحيا الله عز وجل أن يردها صفراً حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء فإذا دعا احدكم فلا يرد يده حتى يمسح على وجهه ورأسه))(8)
4ـ الصلاة على محمد واله في اول الدعاء ووسطه واخره فعن الصادق عليه السلام قال: اذا دعا احدكم فليبدأ بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مقبولة ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضاً
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : صلاتكم عليّ اجابة لدعائكم وزكاة لاعمالكم.
وعن الامام الصادقعليه السلام: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يُصلى على محمد وآل محمد (9) .
5ـ تقديم التمجيد والثناء على الله تعالى، عن امير المؤمنين عليه السلام: السؤال بعد المدح فامدحوا الله ثم اسألوا الحوائج (10) .
ومن هنا فليقل الداعي مثلاً: يا اجود من اعطى، ويا خير من سئل، ويا ارحم من استرحم، يا من هو اقرب اليّ من حبل الوريد، يا فعالاً لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شيء، يا سميع يا بصير ... صل على محمد وآل محمد ....
6ـ روي أن من قال: يا الله يا الله عشر مرات قيل له لبيك ما حاجتك (11) .
7ـ توسل الداعي بالقرآن والانبياء والاولياء ولاسيما بمحمد وآله (عليهم السلام) وليلح على الله تعالى بحق الخمسة (عليهم السلام) محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (12) .
8ـ ان الالحاح في الدعاء امر حسن وقد ذكرته روايات كثيرة وقد روي: ان الله عز وجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة واحب ذلك لنفسه ان الله عز وجل يُحب ان يسأل ويطلب ماعنده, فلا تمل الدعاء ولاتستعجل الاجابة ولا تقنط وان تأخرت الاجابة (13) .
ولا تنسى ان الله عز وجل قد يمنعك لعلمه بما ينفعك ولعل تأخير الاجابة خير لك من تعجيلها
9ـ الدعاء سراً وخفية، عن الامام الرضاعليه السلام: دعوة العبد سراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية. وذكر ان الوجه في تلك باعتبار انه احفظ في الاخلاص وابعد عن شوائب الرياء
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاء السر يزيد على الجهر سبعين ضعفاً (14) .
وقد اثنى سبحانه عز وجل على زكرياعليه السلام بقوله ((إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً))(15). اذن دعاء السر مستحسن خاصة فيما يرتبط بالامور الخاصة بالداعي
10ـ العموم في الدعاء: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : اذا دعا احدكم فليعمّ فانه اوجب للدعاء (16) .
وروي ايضاً إن: افضل الدعاء الصلاة على محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم الدعاء للاخوان ثم الدعاء لنفسك فيما احببت واقرب ما يكون من الله سبحانه اذا سجد ... .
ان الادعية مدارس، والائمة (عليهم السلام) علمونا ان نعيش هموم الاخرين وآلامهم فالانانية منبع للشرور ومنها الانانية في الدعاء، وقد روي عن الزهراء÷ انها كانت تدعو لجيرانها قبل دعائها لنفسها وتقول الجار ثم الدار.
ان المقدار الاقل هو ان يشارك الانسان الاخرين وجدانياً بالهموم والدعاء بمثل اللهم اغن كل فقير او اللهم اشبع كل جائع أو اللهم ادخل على اهل القبور السرور اي يفكر حتى بالاموات.
نعم ان البعض منتبهٌ وفطن في الدعاء فتجده يدعو للامامعليه السلام، يدعو لذريته واولادهم ولذراريهم الى يوم القيامة، يدعو للاخرين، يدعو لما يعلم ولما لا يعلم
12ـ الدعاء بصورة جماعية فعن الامام الصادق (عليه السلام) ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا الله عز وجل الا تفرقوا عن اجابة.
وقد ذكر الشيخ الحر العاملي (قدس سره) باب استحباب الاجتماع في الدعاء من اربعة الى اربعين، واستحباب التأمين على دعاء المؤمن وتأكده مع التماسه (17)، واستحباب العموم في الدعاء وتأكده في امام الجماعة (18).
13ـ الدعاء في كل وقت حسن ولكن هناك اوقات معينة يرجى فيها اجابة الدعاء كما في الروايات وهي كثيرة منها: عند هبوب الرياح، وعند نزول الغيث والقطر، واول قطرة من دم القتيل المؤمن، عند قراءة القرآن، عند الأذان، في الوتر، في الفجر، بعد الظهر، بعد المغرب، عند زوال الشمس
وروي، ان خير وقت لدعوتكم الله عز وجل الاسحار
وايضا روي: ان الله عز وجل يحب من عباده المؤمنين كل [عبد] دعاء فعليكم بالدعاء في السحر الى طلوع الشمس فإنها ساعة تفتح فيها ابواب السماء وتقسم فيها الارزاق وتقضى فيها الحوائج العظام
وايضاً: اذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك فقد قصد قصدك (19).
14ـ الدعاء في الازمنة المباركة والامكنة المباركة التي جعلها الله تعالى كشهر رمضان خصوصا ليالي القدر وشهر رجب وليلة عرفة ويوم عرفة وليلة الجمعة و... عن ابي هاشم الجعفري قال دخلت على ابي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) وهو مهموم عليل فقال لي يا ابا هاشم ابعث رجلاً من موالينا الى الحائر يدعو الله لي، فخرجت من عنده، فاستقبلني عي بن بلال فاعلمته ما قال لي، وسألته ان يكون الرجل الذي يخرج فقال: السمع والطاعة، ولكنني اقول: انه افضل من الحائر إذ كان بمنزلة من في الحائر، ودعاؤه لنفسه افضل من دعائي له بالحائر، فأعلمته (عليه السلام) ما قال: فقال لي: قل له: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) افضل من البيت والحجر وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر، وأن لله تعالى بقاعاً يحب ان يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه والحائر منها (20).
15ـ الدعاء بالمأثور من الادعية الموجودة في الكتاب الكريم ومن الادعية الواردة عن الائمة (عليهم السلام)، والدعاء بالاسماء الحسنى وغيرها من اسماء الله تعالى ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا))
كم هو جميل ان يعرف الانسان او يحمل في صدره عدة ادعية قرآنية او مأثورة عن الائمة (عليهم السلام)، ان هذا الصدر مبارك.
وكم هو جميل ان يكون الانسان عنده فقه وعنده اخلاق ومستحبات
وكم هو جميل ان يكون الانسان منشغل بعيوب نفسه واصلاحها عن عيوب الآخرين
ولتؤخذ الاحكام والوصايا الاخلاقية من العالم الفقيه
16ـ الدعاء بعد تقديم الصدقة وشم الطيب والرواح الى المسجد فعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: كان [ابي] اذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس فإذا اراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشمّ شيئا من طيب وراح الى المسجد ودعا في باحته بما شاء (21) .
17ـ ترك اللحن في الدعاء فقد روي عن الامام الجواد (عليه السلام) ما استوى رجلان في حسب ودين قط إلا كان افضلهما عند الله عز وجل آدبهما، قال: قلت جعلت فداك، قد عرفت فضله عند الناس في النادي والمجالس فما فضله عند الله عز وجل؟ قال: بقراءة القرآن كما أُنزل، ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن وذلك ان الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عز وجل (22) .
18ـ تسمية الحاجة في الدعاء فعن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: ان الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد اذا دعاهُ ولكنه يحب ان تبث اليه الحوائج فإذا دعوت فسم حاجتك. وفي حديث آخر: ان الله عز وجل يعلم حاجتك وما تريد ولكن يجب ان تبث اليه الحوائج (23).
19ـ السجود حال الدعاء فعن الامام الصادق (عليه السلام): عليك بالدعاء وانت ساجد فإن اقرب ما يكون العبد الى الله وهو ساجد (24) .
(دعوات لا تستجاب)
هذا وقد روي ان عدة اشخاص لا تستجاب لهم دعوة:
منهم: رجل جلس في بيته ويقول يا رب ارزقني فيقال ألم آمرك بالطلب.
ومنهم: رجل يدعو على امرأته فيقال له ألم اجعل امرها بيدك.
ومنهم: رجل رزقه الله مالاً فافسده فيقال له ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالاصلاح (25) . ان الانسان اذا اراد الدعاء فليدع بما لا يقدر عليه ((رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي....))(26) فإن الدعاء هو طلب تهيئة طلب الاسباب والعوامل الخارجة عن دائرة قدرة الانسان.
ومنهم الظالم: فدعاؤه مردود الى ان يتوب الى الله تعالى (27). وروي انه اوحى الله عز وجل الى عيسى بن مريم (عليه السلام): قل للملأ من بني اسرائيل: لا يدخلوا بيتاً من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأكف نقية وقل لهم: اعلموا أني غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة (28).
ومنهم: دعوة آكل الحرام.
(دعوات لا ترد)
وفي المقابل روي ان هناك دعوات لا ترد فعن الامام الصادق (عليه السلام): كان ابي يقول خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم يقول الله عز وجل: لانتقمن لك ولو بعد حين، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب فيقول: ولك مثلاه (29). وكذا دعاء المعتمر حتى يرجع والصائم حتى يفطر (30) .
وروي ايضاً: ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر لله كثيراً، والمظلوم (31)، والامام المقسط.
وروي ان الله سبحانه وتعالى قال لموسى (عليه السلام): ادعني على لسان لم تعصني به، فقال: يا رب أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني على لسان غيرك (32)..
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : اطب كسبك تستجب دعوتك...
تعليق