السفر إلى العراق
وقبل أن يغادر الإمام مكة مضى إلى البيت الحرام فأدى له التحية بطوافه وصلاته، وبقي فيه حتى أدى صلاة الظهر ثمّ خرج مودّعاً له(7).
وخرج الإمام من مكة وهو يحمل معه مخدرات الرسالة وعقائل النبوة، وكان خروجه في اليوم الثامن من ذي الحجّة سنة ستّين من الهجرة(8)، وخيّم الحزن والأسى على أهل مكة وعلى حجاج بيت الله الحرام، وكان الإمام لا ينزل منزلاً إلّا حدّث أهل بيته عن مقتل يحيى بن زكريا(9).
وسار موكب الإمام لا يلوي على شيء حتى انتهى إلى موضع يسمّى بـ(الصفاح) فالتقى بالشاعر الكبير الفرزدق فسلّم على الإمام، وقال له: بأبي أنت واُمي يا بن رسول الله (ص) ما أعجلك عن الحجّ؟
فأجابه الإمام عن سبب خروجه: (ولو لم أعجل لأخذت..).
إنّ السبب في خروج الإمام قبل أن يتمّ العمرة هو أنّ السلطة قد عهدت إلى عصابة منها باغتيال الإمام، ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة، فلذا سارع الإمام بالخروج من مكة. وبادر الإمام فسأل الفرزدق فقال له:
(من أين أقبلت يا أبا فراس.؟).
من الكوفة.
(بيّن لي خبر الناس؟).
على الخبير سقطت، قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني اُميّة، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء، وربّنا كل يوم هو في شأن(10).
واستصوب الإمام كلام الفرزدق فقال له:
(صدقت لله الأمر من قبل ومن بعد، يفعل الله ما يشاء وكل يوم ربّنا في شأن، إن نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال الــــقضاء دون الرجــــاء فلم يتعدّى مــــن كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته..)(11).
وواصل الإمام مسيرته الخالدة بعزم وثبات لم يثنه عن عزيمته قول الفرزدق في تخاذل الناس عنه، وتجاوبهم مع بني اُميّة.
اترك تعليق: