إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رائــــــــــــ زينب الكبــــــــــرى دة الجهـــــــ وبطلـــــــه كرـبلاء ـــــــاد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الزهراء مع أبي بكر


    والتاعت بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من أبي بكر، فقد سدّ عليها جميع نوافذ الحياة الاقتصادية، فخرجت سلام الله عليها غضبى، فلاثت خمارها، واشتملت بجلباتها، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتى دخلت على أبي بكر وهو في جامع أبيها، وكان في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة فوقفت مفخرة الإسلام فأنّت أنّه أجهش لها القوم بالبكاء، وارتجّ المجلس، فأمهلتهم حتى إذا سكن نشيجهم وهدأت فورتهم افتتحت خطابها الخالد بحمد الله والثناء عليه، وانحدرت في خطابها كالسيل، فلم يُسمع أخطب ولا أبلغ منها، وحسبها أنّها بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي أفاض عليها بمكرمات نفسه، وغذّاها بحكمة وآدابه.

    وتحدّثت في خطابها عن معارف الإسلام، وفلسفة تشريعاته، وعلل أحكامه، وعرضت إلى الحالة الراهنة التي كانت عليها اُمم العالم وشعوب الأرض قبل أن يشرق عليها نور الإسلام، فقد غرقت الاُمم بالجهل والانحطاط خصوصاً (الجزيرة العربية) فقد كانت في أقصى مكان من الذّل والهوان، وكانت الأكثرية الساحقة تقتاد القِدَّ، وتشرب الطَّرْقَ، وترسف في قيود الفقر والبؤس إلى أن أنقذها الله بنبيّه محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فرفعها إلى واحات الحضارة وجعلها سادة الاُمم والشعوب، فما أعظم عائدته على العرب والمسلمين!
    وعرضت سيدة نساء العالمين في خطبتها إلى فضل ابن عمّها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، وعظيم جهاده في نصرة الإسلام، وذبّه عن حياض الدين، في حين أنّ المهاجرين من قريش بالخصوص كانوا في رفاهية من العيش وادعين آمنين، لم يكن لهم أي ضلع في نصرة القضية الإسلامية والدفاع عنها. فلم يُؤثر عن أعلامهم أنّهم قتلوا مشركاً أو برزوا ببسالة وصمود إلى مقارعة الأقران في الحروب، وإنّما كانوا ينكصون عند النزال، ويفرّون من القتال - على حدّ تعبيرها- وكانوا يتربّصون الدوائر بأهل بيت النبوة ويتوقعون بهم نزول الأحداث.
    وأعربت مفخرة الإسلام في خطابها عن أسفها البالغ على ما مُنِي به المسلمون من الزيغ والانحراف والاستجابة لدواعي الهوى والغرور وذلك بإقصائهم لأهل البيت عن مركز القيادة العامة، وتنبّأت عمّا سيحلّ بهم من الكوارث والخطوب التي تدع فيئهم حصيداً، وجمعهم بديداً من جرّاء إبعادهم لأهل بيت النبوة عن مقامهم الذي نصبهم فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
    ثم عرضت إلى حرمانها من إرث أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقالت:
    (وَأَنتُم تَزْعُمُونَ أَنْ لا إِرْثَ لِي مِن أَبِي، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ تَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَومٍ يُوقِنُونَ..وَيْهاً أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَاُغْلَبُ عِلى تُرَاثَ أَبِي..).
    ثم وجهت خطابها إلى أبي بكريَا بْنَ أبي قُحَافَةَ!! أَفِي كِتَابِ اللهِ أَن تَرِبَ أَبَاكَ وَلاَ أَرِثُ أَبِي؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِيّاً. أَفَعَلى عَمْدٍ تَرَكْتُمْ كِتَابَ اللهِ وَنَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ إِذْ يَقُولُ: (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ دَاوُدَ).
    وَقَال فِيمَا اقْتَصَّ مِنْ خَبَرِ يَحْيى بن زَكَرِيّا، إِذْ يَقُولُ: 0فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَليّاً* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).
    وَقَالَ: (وَاُولُوا الأَرحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىَ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ).
    وَقَالَ: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ).
    وَقالَ: (إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقاً عَلَى المُتَّقِينَ).
    وَزَعَمْتُمْ أَنْ لاَ حَظْوَةَ لِي وَلاَ إِرْثُ مِنْ أَبِي، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَنَا أَفَخَصَّكُمُ اللهُ بآيَةٍ أَخْرَجَ مِنْهَا أَبِي؟
    أَمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَهْلَ مِلَّتَيْنِ لاَ يَتَوَارَثَانِ، أَوَ لَسْتُ أَنَا وَأَبِي مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ أَمْ أَنْتُم أَعْلَمُ بِخُصوصِ الْقُرْآنِ وَعُمُومِهِ مِنْ أَبِي وَابْنِ عَمِّي؟).
    وبعدما ما أدلت بهذه الحجج الدامغة المدعمة بآيات من القرآن الكريم التي فنّدت فيها مزاعم أبي بكر من أنّ الأنبياء لا يورثون، ثم التفتت إليه فوجّهت إليه هذه الكلمات اللاذعة قائلةً:
    فدُونَكها مَرْحُولَةً مَزْمُومَة تَكُونُ مَعَكَ فِي قَبْرِكَ، وَتَلْقَاكَ يَومَ حَشْرِكَ، فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ، وَنِعْمَ الزَّعِيمُ مُحَمَّدُ، وَالمَوعِدُ الْقِيَامَةُ، وَعِنْدَ السَّاعَةِ يَخْسَرُ الْمُبْطلُونَ، ولِكُلِّ نَبأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، (مَن يَأتيهِ عَذَابُ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابُ مُقِيمُ).
    ثم اتّجهت نحو فتيان المسلمين تستنهض هممهم، وتوقظ عزائمهم للمطالبة بحقها والثورة على الحكم القائم، قائلة:
    (يَا مَعْشَرَ النَّقيبَةِ، وَأَعْضَادَ المِلَّةِ، وَحَضَنَةَ اٌلإِسْلاَمِ، مَا هذِهِ الْغَمِيزَةُ فِي حَقِّي وَالسِّنَةُ عَنْ ظُلاَمَتِي؟ أَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): (الْمَرءُ يُحْفَظُ فِي وُلْدِهِ)؟ لَسَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُم! وعَجْلاَنَ ذَا إهالَةً!
    أَتَقُولُونَ: مَاتَ مُحمَّدُ؟ لًعَمْرِي، خَطبُ جَليلُ، إِسْتَوْسَعَ وَهْبُةُ، وَاسْتَنْهَرُ فَتْقُهُ، وَفُقِدَ رَاتِقُهُ، وَأَظْلَمتِ الأَرْضُ لِغَيبَتِهِ، واكْتأَبَتْ خِيرَةُ اللهِ لمُصِيبَتِهِ، وَخشَعَتِ الْجِبَالُ، وَأَكْدَتِ الآمَالُ، واُضِيعَ الْحَرِيمُ، وَأُزِيلَتِ الْحُرْمَةُ، فَتلك نَازِلَةُ أَعْلَنَ بِهَا كِتَابُ اللهِ فِي أَفْنِيَتِكُمْ، مُمْساكُمْ وَمُصْبِحِكُمْ، هِتافاَ هِتافاً: (وَمَا مُحَمَّدُ إِلَّا رَسُولُ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرُّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).
    وأخذت سيّدة النساء تحفّز الأنصار، وتذكّرهم بجهادهم المشرق في نصرة الإسلام وحماية مبادئه وأهدافه وكفاحهم لأعدائه القرشيّين، طالبة منهم الثورة ضد الحكم القائم وإرجاع الحق إلى عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قائلة:
    (أَيهاً بَنِي قِيلَةَ(9) أَأُهْضَمُ تُرَاثَ أَبِي وَأَنْتُمْ بِمَرْأى مِنِّي وَمَسْمَعٍ وَمُنْتَدى وَمَجْمَعٍ، تَلْبَسُكُمُ الدَّعْوَةُ، وَتَشْمَلُكُمُ الْخُبْرَةُ، وَأَنْتُمْ ذَوُو الْعُدَّةِ وَالْعَدَدِ وَالأَدَاةِ وَالْقُوَةِ، وَعِنْدَكُمُ السِّلاَحُ وَالْجُنَّةُ(10).تُوافِيكُمُ الدَّعْوَةُ فَلاَ تُجِيبُونَ، وَتَأتِيكُمُ الصَّرخَةُ فَلاَ تُغِيثُونَ وَأَنتُمْ مَوصُوفُون بِالكِفاحِ، مَعْرُوفُونَ بِالخَيْرِ وَالصَّلاَحِ، وِالنُّخْبَةُ الَّتِي انتُخِبَتْ، وَالْخِيَرَةُ الَّتِي اخْتِيرتْ لَنَا - أهل البيت - قَاتَلتُمُ اَلَعَرَبَ، وَتَحَمَّلْتُمُ الْكَدَّ وَالتَّعَبَ، وَنَاطَحْتُمُ الأُمَمَ، وَكَافَحتُمُ البُهَمَ، فَلاَ نَبْرَحُ أَوْ تَبْرَحُونَ، نَأْمُرُكُم فَتَأْتَمِرُونَ، حَتّى إِذَا دَارَتْ بِنَا رَحَى الإِسْلامِ، وَدَرَّ حَلَبُ الأَيَّامِ، وَخَضَعَتْ نُعرَةُ الشِّركِ، وَسَكَنَت فَوْرَةُ الإِفْكِ، وَخَمَدَتْ نِيرَانُ الْكُفْرِ، وَهَدَأَتْ دَعْوَةُ الْهَرَجِ، وَاسْتَوْسَقَ نِظَامُ الدِّينِ، فَأَنْى جرْتُمْ(11)بَعْدَ الْبَيَانِ، وَأَسْرَرتُمْ بَعْدَ الإِعْلاَنِ، وَنَكصْتُمْ بَعْدَ الإقْدَامِ، وَأَشرَكْتُمْ بَعْدَ الإِيمَانِ، بُؤسَاً لِقَوْمٍ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَونَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
    ولما رأت وهن الأنصار وتخاذلهم عن إجابة الحق، وجّهت لهم أعنف القول وأشد العتب قائلة لهم:
    (ألا وَقَدْ قُلْتُ هذَا عَلى مَعْرِفَةٍ مِنِّي بِالْجِذْلَةِ الَّتِي خَامَرْتُكُمْ، وَالْغَدْرَةِ الَّتِي اسْتَشْعَرَتْهَا قُلُوبُكُمْ، وَلكِنَّهَا فَيْضَةُ النَّفْسِ، وَبَثَّةُ الصَّدْرِ، وَنَفْثَةُ الَغَيْظِ، وَتَقْدِمَةُ الْحُجَّةِ، فَدُونَكُمُوهَا فَاحْتَقِبُوهَا دَبِرَةَ الظَّهْرِ، نَقِبَةَ الْخُفِّ، بَاقِيَةَ الْعَارِ، مَوْسُومَةً بِغَضَبِ اللهِ، وَشَنَارِ الْأَبَدِ، مَوْصُولَةً بـ(نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُؤْصَدَةَ) عَيْنِ اللهِ مَا تَفْعَلُونَ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)).
    وَأَنَا إِبْنَةُ نّذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابُ شَدِيدُ، فَاعْمَلُوا إِنَّا عَامِلُونَ، (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(12).

    اترك تعليق:


  • إجراءات صارمة


    وقضت سياسة أبي بكر أن يقابل الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) بجميع الإجراءات الصارمة لأنّه الممثّل الوحيد للقوى المعارضة لحكومته، ومن بين تلك الوسائل التي سلكها أبو بكر:

    1 - إسقاط الخمس:
    أمّا الخمس فهو حق مفروض لآل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نصّ عليه القرآن الكريم، قال تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)(6)، وأجمع الرواة أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان يختصّ بسهم من الخمس ويخصّ أرحامه بسهم آخر منه، وكانت هذه سيرته إلى أن اختاره الله إلى جواره، ولمّا ولي أبو بكر أسقط سهم النبيّ وسهم ذي القربى، ومنع بني هاشم من الخمس(7).
    وبذلك فقد قضى على أهم مورد اقتصادي لهم، وقد أرسلت سيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام) إلى أبي بكر تسأله أن يدفع إليها ما بقي من خمس (خيبر)، فأبى أن يدفع إليها شيئاً(8). وبذلك فقد ترك شبح الفقر على آل النبي، وحجب عنهم ما فرضه الله لهم.
    2 - الاستيلاء على تركة النبيّ:
    واستولى أبو بكر على جميع ما تركه الرسول (صلّى الله عليه وآله) من بلغة العيش وحازه إلى بيت المال، وبذلك فقد فرض حصاراً اقتصادياً على آل الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى لا يتمكّنون من القيام بأيّ حركة ضده.
    3 - تأميم فدك:
    وأمّم أبو بكر (فدكاً) وصادرها من أهل البيت، ومنعهم من أخذ وارداتها،وقد ضيّق عليهم بذلك غاية التضييق. ومنع عنهم جميع وسائل العيش.

    اترك تعليق:


  • اللهم صل على محمد وآل محمد







    بقلوب ملؤها الحزن والأسى ، وأعين امتلأت بكاءً ودمعاً لهذا المصاب الجلل
    أتقدم بأحر التعازي لمشرفي واعضاء المنتدى عامة ، ، وبالأخص امام عصرنا وزماننا الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، بهذا المصاب الجلل ذكرى وفاة الإمام العسكري علم الهدى و منار التقى، و معدن الحجى و مأوى النهى، و غيث الورى و سحاب الحكمة، و بحر الموعظة و وارث الإئمة، و الشهيد على الأمة، المعصوم المهذب و الفاضل المقرب، و المطهر من الرجس أبو القائم المنتظر عجل الله فرجه الشريف.



    رزقنا الله و إياكم موالاته و زيارته في الدنيا و شفاعته في الآخرة


    عظم الله اجورنا واجوركم

    اترك تعليق:


  • إرغامه على البيعة


    وأجمع أبو بكر وسائر أعضاء حزبه على إرغام الإمام على البيعة لأبي بكر وحمله بالقوّة عليها، فأرسلوا إليه شرطتهم، فكبسوا داره وأخرجوه منها بالقسر والقوّة، وجاءوا به إلى أبي بكر، فصاحوا به:

    بايع أبا بكر…
    فأجابهم الإمام بمنطقه الفيّاض وحجّته الحاسمة، قائلاً:
    (أنا أحقّ بهذا الأمر منكم، لا اُبايعكم وأنتم أوْلى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلّى الله عليه وآله)، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً‍!
    ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أوْلى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد (صلّى الله عليه وآله) منكم، فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أوْلى برسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيّاً وميّتاً، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلاّ فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون..).
    وأعلن الإمام بهذا الخطاب الرائع أنّه أوْلى بمركز النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وأحق بخلافته من غيره، فهو أقرب الناس وألصق بالرسول (صلّى الله عليه وآله) من المهاجرين الذين فازوا بالحكم لقربهم من النبيّ، فهو ابن عمّه وأبو سبطيه، ولا يملك أحد من القرب إلى النبيّ غيره.. وثار ابن الخطاب بعد أن أعوزته الحجة والبرهان، فاندفع بعنفٍ قائلاً:
    إنّك لست متروكاً حتى تبايع..
    فزجره الإمام قائلاً: احلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره، ويردده عليك غداّ...).
    وكشف الإمام الوجه في اندفاع ابن الخطاب وتهالكه على نصرة أبي بكر، فأنّه يأمل أن ترجع إليه الخلافة والملك بعد أبي بكر.
    وثار الإمام وهتف قائلاً: (والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه...).
    وخاف أبو بكر من تطوّر الأحداث، وخشي أن ترجع إلى المسلمين حوازب أحلامهم فيقصوه عن منصبه، فخاطب الإمام بناعم القول: إن لم تبايع فلا اُكرهك..
    وانبرى أبو عبيدة بن الجراح وهو من أبرز حزب أبي بكر، فخاطب الإمام قائلاً:
    يا بن عمّ، إنك حدث السن، وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى إلاّ أبا بكر أقوى على هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق، وبه حقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك..).
    وليس في هذا القول إلاّ الخداع والتضليل فإن التقدّم في السن ليس له أي ترجيح في منصب الخلافة التي تتطلّب الطاقات الخلاّقة بما تحتاج إليه الاُمّة في الميادين السياسية والاقتصادية والقضائية، ولا يملك أحد من المسلمين ذلك غير الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
    وأثارت مخادعة أبي عبيدة كوامن الألم في نفس الإمام، فانبرى يخاطب المهاجرين قائلاً:
    الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه. فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به لأنا أهل البيت، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، الدافع عنهم الاُمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنّه لفينا، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله، فتزدادوا من الحق بُعداً..(5). وحفلت هذه الكلمات بالصفات الرفيعة الماثلة في أهل بيت النبوة من الفقه بدين الله، والعلم بسنن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والإحاطة بما تحتاج إليه الاُمّة في مجالاتها الاقتصادية والسياسية، ولا تتوفر بعض هذه الصفات في غيرهم، ولو أنّ القوم استجابوا لنداء الإمام لجنّبوا العالم الإسلامي الكثير من المشكلات والأزمات ولكنّهم انسابوا وراء أطماعهم وشهواتهم وتهالكهم على الإمرة والسلطان.
    وعلى أيّ حال، فقد رجع الإمام (عليه السّلام) إلى داره لم يبايع أبا بكر، وقد أحاطت به موجات من الأسى على ضياع حقّه وحرمان الاُمّة من قيادته، وقد التاعت سيّدة النساء زينب وغزاها الحزن على ما حلّ بأبيها من الآلام والكوارث، فقد رأته جالساً في بيته يساور الهموم والأحزان، وحوله اُمّها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وهي تبكي أباها وتندبه بأشجى ما تكون الندبة، وقد شاركت زوجها في مصابه على ضياع حقّه، ونهب مركزه ومقامه.

    اترك تعليق:


  • بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اللهم صلِ على محمد وآل محمدوعجل فرجهم وسهل مخرجهم والعن أعدائهم الى يوم القيامة




    احر التعازي لسيدنا ومولانا بقية الله الاعظم صاحب العصر والزمان ( عج )

    والامة الاسلامية وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) والى مشرفي وإعضاء منتدى الكفيل في ذكرى وفاة السيدة سكينة بنت إلإمام الحسين عليه السلام




    اترك تعليق:


  • امتناع الإمام عن البيعة


    والتاع الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) من بيعة أبي بكر، واعتبرها تعدّياً صارخاً عليه، فقد كان محلّه من الخلافة محلّ القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير - على حدّ تعبيره -، وقد تخلف عن بيعة أبي بكر وأعلن معارضته لها، وقد شاع ذلك بين المسلمين، ومن يقرأ نهج البلاغة يجد فيه لوحات من تذمّره وأساه على ضياع حقّه.

    اترك تعليق:


  • بيعة أبي بكر


    وانبرى حزب أبي بكر إلى تأييده، فكان من أعظم المناصرين له عمر بن الخطاب، وسارع إلى بيعته مع بقية أعضاء حزبه خوفاً من تطوّر الأحداث، واشتدّ عمر في إرغام الناس على بيعة أبي بكر، وقد لعبت درته شوطاً في الميدان، وقد سمع الأنصار يقولون: قتلتم سعداً!، فجعل يقول بعنف: اقتلوه، قتله الله، فإنّه صاحب فتنة(4).

    وبعدما تمّت البيعة لأبي بكر بهذه السرعة الخاطفة أقبل به حزبه يزفّونه زفاف العروس إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولم يشترك أبو بكر ولا أي فرد من حزبه في تشييع جثمان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومواراته، فقد انشغلوا بالمُلك والسلطان وتدبير اُمورهم.
    لقد أهمل في بيعة أبي بكر رأي العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم، فلم يُعنُ بها ولم يؤخذ رأيها، ومنذ ذلك واجهت جميع ألوان الرزايا والنكبات، وما كارثة كربلاء وغيرها من مآسي العترة الطاهرة إلاّ وهي متفرّعة من يوم السقيفة، حسبما نصّت عليه الوثائق التاريخية والدراسات العلمية.

    اترك تعليق:


  • خطاب أبي بكر


    واستغلّ أبو بكر الموقف، وأراد صاحبه عمر أن يفتح الحديث مع الأنصار، فنهره أبو بكر لعلمه بشدّته، وهي لا تساعد في مثل هذا الموقف الملبّد الذي يجب أن تستعمل فيه الأساليب السياسية والكلمات الناعمة لكسب الموقف، فبادر أبو بكر فخاطب الأنصار بكلمات معسولة وبسمات فيّاضة بالبشر، قائلاً:

    نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً، وأكرمهم أحساباً، وأوسطهم داراً، وأحسنهم وجوهاً، وأمسّهم برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنتم إخواننا في الإسلام، وشركاؤنا في الدين نصرتم الإسلام، وواسيتم، فجزاكم الله خيراً، ونحن الأمراء، وأنتم الوزراء، لا تدين العرب إلاّ لهذا الحيّ من قريش، فلا تنفسوا على أخوتكم المهاجرين ما فضّلهم الله به، فقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين - يعني: عمر بن الخطّاب وأبا عبيدة بن الجراح -(3).
    ولم يعرض هذا الخطاب إلى وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي هي أعظم كارثة مُني بها المسلمون، فكان الواجب أن يعزّي المسلمين بوفاة منقذهم ونبيّهم، كما أنّ الواجب يقضي بتأخير المؤتمر إلى بعد مواراة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) حتى يجتمع جميع المسلمين وينتخبوا عن إرادتهم وحرّيتهم من شاؤوا.وشيء آخر في هذا الخطاب أنّه لم يمعن إلاّ بطلب الإمرة والسلطان، فقد طلب من الأنصار أن يتنازلوا عن الخلافة إلى المهاجرين، وأنّهم سينالون عوض ذلك الوزارة، إلاّ أنّه لمّا تمّ الأمر لأبي بكر أقصاهم ولم يمنحهم أيّ منصبٍ من مناصب الدولة.
    وممّا يؤخذ على هذا الخطاب أنّه تجاهل بصورة كاملة أهل البيت الذين هم وديعة النبيّ في اُمّته، والثقل الأكبر فيها، فلم يشر إليهم أبو بكر بقليل ولا بكثير.

    اترك تعليق:


  • مباغتة الأنصار


    وحينما كان الأنصار في سقيفتهم يدبّرون أمرهم ويتداولون الرأي في شؤون الخلافة إذ خرج من مؤتمرهم عويم بن ساعدة الأوسي ومعن بن عدي حليف الأنصار، وكانا من أولياء أبي بكر ومن أعضاء حزبه، وكانا يحقدان على سعد، فانطلقا مسرعَين إلى أبي بكر فأخبراه بالأمر، ففزع أبو بكر، واسرع ومعه عمر وأبو عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة وآخرون من المهاجرين(2)، فكبسوا الأنصار في ندوتهم، فذهل الأنصار وأسقط ما بأيديهم لأنّهم أحاطوا ندوتهم بسرّية وكتمان، وتغيّر لون سعد، فقد انهارت جميع مخطّطاته، وفشلت جميع تدابيره.

    اترك تعليق:


  • مؤتمر السقيفة


    أمّا مؤتمر السقيفة فهو مصدر الفتنة الكبرى التي مُني بها المسلمون والتي كان من جرّائها الأحداث المروّعة التي رزئ بها أهل البيت، يقول الإمام محمّد حسين آل كاشف الغطاء:

    تــــا الله ما كربلاء لولا (سقيفتهم) ومثل هذا الفرع ذاك الأصل أنتجـه
    ويقول بولس سلامة:
    وتـــــوالـت تـــــحت السقـيفة أحـدا ث أثــــــارت كـــــوامـناً وميــــولا
    نــــزعات تــــــفرقت كـغصون الـــ ــعـــوسج الخــــفيّ شائكـاً مدخولاً
    لقد أسرع الأنصار إلى عقد مؤتمرهم في (سقيفة بني ساعدة)، لترشيح أحدهم لمنصب الخلافة، وإقامة حكومة تضمن مصالحهم وترعى شؤونهم، لقد عقدوا مؤتمرهم في وقت كان جثمان الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) لم يوارَ في مثواه الأخير، وأكبر الظنّ إنّما قاموا بهذه السرعة الخاطفة بذلك لأنهم خافوا من استيلاء المهاجرين على الحكم، فقد رأوا تحرّكهم السياسي في صرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين وكراهيتهم له.
    وعلى أي حال، فقد خطب سعد بن عبادة زعيم الخزرج في الأنصار، وكان منطق خطابه الإشادة بنضال الأنصار وجهادهم في نصرة الإسلام وقهر القوى المعادية لهم، فهم الذين حملوا النبي (صلّى الله عليه وآله) ونصروه في أيام محنته، فإذاً هم أوْلى بمركز النبي (صلّى الله عليه وآله) وأحقّ بمنصبه من غيرهم، كما حفل خطابه بالتنديد بالاُسر القرشية التي ناهضت النبي (صلّى الله عليه وآله) وناجزته الحرب حتى اضطر للهجرة إلى يثرب، فهم خصومه وأعداؤه ولا حقّ لهم بأيّ حالٍ في التدخل بشؤون الدولة ومصيرها. وقام زعيم آخر من الأنصار هو الحبّاب بن المنذر، فحذّر الأنصار من القرشييّن، وأهاب بهم أن يجعلوا لهم نصيباً في الحكم، قائلاً:
    لكنّنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم..
    وتحقّق تنبؤ الحبّاب، فإنّه لم يكن ينتهي حكم الخلفاء حتى آل الأمر إلى الاُمويّين فأمعنوا في إذلال الأنصار وإشاعة البؤس والفقر فيهم، وقد انتقم منهم معاوية كأشرّ وأقسى ما يكون الانتقام. ولمّا ولِيَ الأمر من بعده يزيد جهد في الوقيعة بهم، فأباح أموالهم ودماءهم وأعراضهم لجيوشه في واقعة (الحرة) التي اُنتهكت فيها جميع ما حرّمه الله.
    وعلى أيّ حال، فقد تجاهل سعد وغيره من الأنصار الإمام أمير المؤمنين(عليه السّلام) الذي هو من النبيّ بمنزلة هارون من موسى، وأبو سبطيه، وباب مدينة علمه، وسيّد عترته. ولا نرى أيّ مبرر لسعد في إغضائه وتجاهله حق الإمام عليه السّلام، فقد فتح باب الشرّ على الاُمّة، وأخلد لها المصاعب والفتن على امتداد التأريخ.

    اترك تعليق:

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X